في ظل استمرار غياب التساقطات المطرية، لا زالت الأسئلة المقلقة تراود الفلاحين، من قبيل كيف سيكون الموسمي الفلاحي هذا العام؟ وكيف سيكون حال قطيع الأغنام ونحن على بعد بضعة شهور على عيد الأضحى؟
افتتحت يومية « الأحداث المغربية » عددها الصادر يوم الاثنين 6 يناير 2025، بهذا التساؤل، مشيرة إلى أن هذه الأسئلة لا تؤرق فقط الفلاحين والمهنيين، ولكن أيضا كل المغاربة الذين يستبشرون بالتساقطات المطربة التي تنعش ليس فقط القطاع الفلاحي، ولكن الاقتصاد الوطني أيضا، وتنعكس ندرتها على معدل النمو الذي تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية.
وأوضحت اليومية في مقال بالصفحة الرابعة أنه تم اتخاذ العديد من الإجراءات من طرف الحكومة ترمي إلى التقليل من انعكاسات المواسم الجافة على الفلاحين والاقتصاد الوطني، مضيفة أن هناك أيضا تدابیر تهدف إلى الحفاظ على التوازنات والأسعار بالأسواق الوطنية، لاسيما فيما يخص المواد الغذائية والمزروعات، من خضر وفواكه ولحوم، مشيرة إلى أن هذه الأخيرة عملت الحكومة على تنظيم استيرادها، موازاة مع استيراد الأغنام، حيث تتجاوز احتياجات المغاربة خلال عيد الأضحى ما يفوق 3 ملايين رأس من الأضاحي.
وأضافت « الأحداث المغربية » أنه وبسبب توالي سنوات الجفاف وغلاء أسعار الأعلاف، تم تسجيل تراجع مقلق في أعداد الماشية على الصعيد الوطني، مبرزة أن هذا الإكراه دفع الحكومة إلى استيراد الأغنام خلال السنة الماضية.
واعتبرت الجريدة في مقالها أن هذه العملية « لم تكن ناجحة » حسب تصريح سابق للوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع بالبرلمان، حين أشار إلى أن « تجربة دعم استيراد الأغنام خلال عيد الأضحى بتمويل قدره 500 درهم لكل رأس، لم تحقق النتائج المرجوة في توفير الأضاحي بأسعار مقبولة، وبقيت الأسعار مرتفعة »، بل أكثر من ذلك هناك تفاحش الغلاء والتلاعب في الأسعار، ما تسبب في أضرار مادية للأسر البسيطة التي تكبدت عناء الافتراض والاستدانة، ونسفت ميزانياتها، من أجل سُنة نبوية انحاز اتباعها عن جوهرها، وصارت موضوعا للاستهلاك التفاخري وما يصاحبه من عادات سيئة.
وأبرز مقال اليومية أن هناك الكثير من المبادرات النبوية التي يمكن للعلماء أن يستندوا إليها للاجتهاد من أجل الحد من الخسائر الاجتماعية والمادية المتراكمة سنة بعد أخرى من سنوات الجفاف، مشيرا إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يضحي كل سنة بكبشين املحين أقرنين عن نفسه وآل بيته وعمن لم يضح من أصحابه، ومبينا أنه وعلى هذا المنوال دأب ملوك المغرب في التأسي بهذه السنة، ومعتبرا أن دور العلماء والمثقفين هو تصحيح اعتقادات الناس وتخليص الدين مما علق به من عادات ليست من الطقوس، وتحتل أحيانا مرتبة أعلى من الدين.
وأشارت الجريدة إلى أن الظروف المناخية الصعبة التي يشهدها المغرب، لا سيما الجفاف، أدت إلى تراجع أعداد القطعان الوطنية، مما انعكس سلبا على أسعار الأعلاف، وأثقل كاهل المربين، كما أن الإجراءات الحكومية لم تحقق حتى الآن التأثير المطلوب على الأسعار، حيث إن دعم استيراد الأغنام لم يسهم في توفير عدد كاف من الأضاحي بأسعار مناسبة للمواطنين، مما يتطلب اتخاذ خطوات عاجلة للحفاظ على القطيع الوطني، منها عدم ذبح الإناث الحوامل، وتجنب ذبح الأغنام الصغيرة لزيادة أعداد القطعان المحلية.
واعتبر مقال « الأحداث المغربية » أنه « من مصلحة المغرب والمغاربة اليوم إلغاء شعيرة عيد الأضحى بهدف تنمية قطعان الماشية، وهي ليست المرة الأولى، بل سبق للمغرب أن أمضى أعواما دون نحر الأضحية، وكان أمير المؤمنين الملك الراحل الحسن الثاني يقوم بنحرها نيابة عن الأمة، حتى يثبت أجر الشعيرة، وذلك بسبب الجفاف الذي مر به المغرب، فتقرر إلغاء شعيرة عيد الأضحى سنتي 1981 و1996، تفاديا للضرر الذي وصفه الملك الراحل حينها بأنه «ضرر محقق بسبب ما سينال الماشية من إتلاف وما سيطرأ على أسعارها من ارتفاع يضر في الغالبية العظمى من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود»، وذلك حسب الرسالة الملكية التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبد الكبير العلوي المدغري في 29 مارس 1996.
أضف تعليق