بوجمعة أكوضار – شيشاوة اليوم
من الخدمات الجماعية التي غالبا ما تثار حولها النقاشات المجتمعية ومن طرف جميع الفئات: خدمة جمع النفايات المنزلية لأرتباطها الوثيق بالمعيش اليومي لهم.
هذه الخدمة يقدمها المرفق العمومي لتدبير النفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها التابع للجماعات كإختصاص ذاتي للجماعة وفق ما تشير له المادة 83 من القانون التنظيمي 14.113، حيث أن الجماعة تقوم بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب في ميادين عدة، منها تنظيف الطرقات والساحات العمومية وجمع النفايات المنزلية والمشابهة لها ونقلها إلى المطارح ومعالجتها وتثمينها، وتقدم هذه الخدمة إما مباشرة أو عن طريق تفويض تدبيرها (وهو المعمول به حاليا في جميع تراب المملكة).
ويؤطر هذه الخدمة الظهير الشريف رقم 1.06.153 الصادر في 30 شوال 1427 بتنفيذ القانون رقم 28-00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها كما تم تعديله بالقانون رقم 23.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.12.25 بتاريخ 2 غشت 2012، وهذا القانون هو الذي يرسم حدود مسؤولية المتدخلين (جماعة، شركة مفوض لها، ضباط المعاينة، المواطن) ويحدد التعريفات القانونية لجميع أنواع النفايات وجميع أنواع المصطلحات المرتبطة بتقديم هذه الخدمة، ويحدد المخالفات والجزاءات.
وفي كل النقاشات المرتبطة بهذه الخدمة، تثار مسؤولية الجماعة بخصوص تدبير هذا القطاع ولا أحد يثير المسؤولية القانونية للمواطن، وغالبا ما يكون ذلك عن جهل.
صحيح أن تقديم هذه الخدمة هو من صميم اختصاصات الجماعة كما أسلفنا ذكره في المادة 83 من القانون التنظيمي، وفي حالة تفويض تدبيره فإن المفوض لها يخضع لمقتضيات القانون 28.00.00 كما تم تعديله، وللنصوص المتخذة لتطبيقه كما تشير إلى ذلك المادة 18 من هذا القانون، وبالتالي فمسؤولية الجماعة غالبا ما تحصر في المراقبة وضبط المخالفات (سواء تعلق الأمر بالشركة المفوض لها أو بالمواطن). فبالإضافة إلى دفتر التحملات والعقد الذي فوض بموجبه خدمة التطهير الصلب (النفايات المنزلية والمماثلة لها، أما باقي أنواع النفايات فلها مسطرة خاصة سواء تعلق بالأمربالجمع أو التدبير)، والذي يحدد التزامات وحقوق كل طرف فإن المادة 100 من القانون التنظيمي المذكور، قد أشارت إلى أنه من الصلاحيات التي يضطلع بها رئيس الجماعة السهر على احترام شروط نظافة المساكن والطرق وتطهير قنوات الصرف الصحي وزجر إيداع النفايات بالوسط السكني والتخلص منها، وبالتالي فإن من صلاحيات رئيس الجماعة زجر كل من أودع نفايات منزلية في غير محلها (الحاويات) أو أقدم على حرقها داخل الحي أو بجانبه وغير ذلك من المخالفات.
وعملية الزجر تتم من خلال إعداد محاضر ضبط المخالفة من قبل موظفين جماعيين محلفين ومكلفين بمعاينة هذه المخالفات (أو كل شخص له الصفة الضبطية) طبقا للقانون 28.00، ثم إما: توجيه المحضر مرفوقا بإعذار من طرف رئيس الجماعة إلى المخالف من أجل وضع حد للمخالفة، وفي حالة الإمتناع تتدخل الجماعة على نفقته، أو توجيه المحاضر خلال 15 يوما من معاينة المخالفة إلى المحكمة (إن كان نوع المخالفة يقتضي ذلك).
ويعاقب المخالف، كما نصت على ذلك المادة 70 من القانون 28.00 بغرامة من 200 درهم إلى 10 الاف درهم، إذا تعلق الأمر بإيداع أو رمي أو طمر أو تخزين أو معالجة أو إحراق أو التخلص من النفايات المنزلية أو النفايات المماثلة لها خارج الأماكن المعينة لهذا الغرض (وهنا باب التكييفات والإجتهادات مفتوح).
لكن أغلب الجماعات لا تلجأ إلى الزجر – ليس لعدم وجود المخالفات بل هي كثيرة – ولكن لوجود إكراهات تتعلق بالموارد البشرية واللوجستيكية وحساسية العملية وصعوبة ضبط المخالفة، وحتى في حالة الضبط فالطرق الحبية تحضى بالأولوية لأن غالبية المواطنين يجهلون عقوبات هذه المخالفات بما فيها حرق النفايات داخل أو بجوار الأحياء والممنوعة قانونا طبقا للمادة 7 من القانون 28.00، لما لها من تأثير سلبي على صحة الإنسان والبيئة وحتى قانون البيئة والتنمية المستدامة رتب جزاءات لذلك.
للإشارة، فقلة الحاويات أو عدم وجودها لا يبرر المخالفة وفي نفس الوقت لا يرتب جزاء بالنسبة للجماعة لأن القانون التنظيمي أشار إلى أن الجماعة تمارس الإختصاصات الذاتية في حدود مواردها… قد يبدو الأمر وكأن المشرع تحيز للإدارة ولكن يبقى القانون فوق الجميع والجهل به لا يعفي من المسؤولية.
أضف تعليق